كان معظم الفلسطينيين منذ القدم مزارعين، حيث اعتمد حوالي ٧٥٪ من الفلسطينيين في دخلهم على الزراعة قبل النكبة الفلسطينية والنزوح عام ١٩٤٨. وكشجرة الزيتون، هكذا المزارع الفلسطيني مغروسة جذوره في تراب أرضه التي ينتمي إليها، حيث تمثل الأرض مصدر الهوية الاجتماعية، العزة والكرامة.
وقد عملت إسرائيل باستخدام قانون الغائب، الذي يعود لعام ١٩٥٠، على سلب ملكية الأراضي لرعاية الدولة العبرية. وبالإضافة إلى سلب أرض اللاجئين الفلسطينيين، قامت السلطات الإسرائيلية بسلب أراضي مواطنو إسرائيل الفلسطينيين، والذين تم تصنيفهم أيضاً حسب ذلك القانون "بالغائبين".
محمد عابدة (٥٠) عاما، يمتلك قطعة ارض مساحتها ١٢٠ دونما في منطقة تدعى خلة عفانة - الشفى. تقع خلة عفانة في المنطقة ما بين مدينتي بيت لحم والخليل، تحيط بالأرض ثلاثة مستوطنات وهي (افرات، مجدال عوز، عصيون). يقول محمد: "لقد ترك والدي لي الأرض وكانت صخرية وغير صالحة للزراعة، وبجهودي وجهود إخوتي ومن خلال العمل اليومي لعدة سنوات استطعنا تحويلها إلى قطعة من الجنة. إن علاقتي في الأرض هي من أهم الأشياء حولي". يوجد في الأرض ما يزيد عن عشرين نوعا مختلفا من الأشجار، ولا يوجد شجرة واحدة في أرضه لم يركع لها ويزرعها بيده، فقد قام بزراعة كافة الأشجار والنباتات في الأرض منذ أن كان شابا صغيرا. ويضيف: "لقد كرست حياتي لحماية هذه الأرض حتى أصبحت مصدرا أساسيا لرزقي ورزق عائلتي".
قام المستوطنون على الدوام بإزعاج محمد والاعتداء عليه مرات عدة لإجباره على ترك أرضه، وتمثلت هذه الاعتداءات بقيام المستوطنين بضخ المياه العادمة على أرضه من مستوطنة إفرات، مما تسبب في تدمير التربة وإبادة العديد من الأشجار في أرضه. في عام ١٩٩٤ حاولت سلطات الاحتلال شراء الأرض من محمد وقامت بعرض مبالغ طائلة لكي يوافق على بيعها، كما قدمت عرضاً أخر لمحمد وهو تبديل الأرض بأرض أخرى اكبر مساحة ويستطيع البناء فيها، ولكن محمد رفض العروض كلها وأصر على أن لا يترك أرضه تحت أي ظرف من الظروف.
وقد قامت حملة شجرة الزيتون بزراعة ما يزيد عن ٨٥٠ شجرة زيتون في ارض محمد وذلك من اجل مساعدته وتقديم الدعم له للبقاء في أرضه والمحافظة عليها، ولإبقاء الأمل حيا له ولعائلته.