رسالة مفتوحة من رعاة كنائس مسيحية من محافظة بيت لحم

المجموعة: نداءات وبيانات انشأ بتاريخ: 07 تموز/يوليو 2020

"أحكُموا بِالعَدلِ وأنقِذوا المَظلومَ مِنْ يَدِ الظَّالِمِ" (أرمياء ٢٢: ٣)

bethlehem priests july2020نكتب هذه الرسالة بصفتنا رعاة لكنائس مختلفة في محافظة بيت لحم، بخصوص قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضمّ المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي ذكرت أنها تنوي العمل به في الأول من تموز. إن قرار الضمّ هذا سيؤدي إلى تداعيات مأساوية لفلسطين بشكل عام، وبيت لحم والمجتمع المسيحي الفلسطيني بشكل خاص.

منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية في عام 1967، قامت بمصادرة ما يقرب من عشرين ألف دونمًا من المنطقة الشمالية لبيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا، من أجل بناء المستوطنات غير الشرعيّة. وقد حدّ هذا بشكل كبير من إمكانية توسع هذه المدن الثلاث ونموها نموًّا طبيعيًّا. وقد ضمّت إسرائيل إلى سيادتها أحد أهم المواقع الدينية المسيحية في بيت لحم، وهو دير مار إلياس التاريخيّ، وفصلت بيت لحم عن القدس وهو ما يحصل لأول مرة في تاريخ الحضور المسيحيّ في الأرض المقدسة.

تعتبر اليوم منطقتي المخرور وكريمزان من المناطق القليلة المتبقيّة لسكان بيت لحم من أجل الزراعة وحتى من أجل التمتّع بجمال طبيعة أرضنا. وكلا المنطقتين الواقعتين غرب مناطق سكننا مهددتان بالمصادرة بفعل قرار الضمّ. هذا يعني أن المئات من أبناء رعايانا سيخسرون أراضيهم. ومن الجدير ذكره أنّ لمنطقة كريمزان أهمية روحية، فهناك يوجد مدرسة تديرها الراهبات السالزيان بالإضافة إلى دير تاريخيّ. وهناك خطرٌ على الريف الغربيّ، حيث عمل كثيرٌ رعايانا في الزراعة لأجيال متعاقبة، ويشمل ذلك أرض نصار والتي أقيم عليها خيمة الشعوب في نحالين. وفي نفس الوقت، وكما ظهر في مخططات الإدارة الأمريكية، فهناك تهديدٌ على الجزء الشرقيّ من المحافظة، ويشمل هذا منطقة عش الغراب ضمن أراضي بيت ساحور، والتي يوجد نيّة منذ سنين من أجل بناء مستشفى للأطفال عليها لخدمة أهل المنطقة.

أنّ ما نخشاهُ هو أن ضمّ هذه المناطق سيدفع المزيد من أهلنا للهجرة. إننا نشعر أصلاً أن بيت لحم هي سجن مفتوح، وذلك بسبب الجدار والمستوطنات اللذان يحيطانها. إن قرار الضمّ هذا سيجعل من مساحة هذا السجن أصغر فأصغر، فيتلاشى الأمل من أجل مستقبلٍ أفضل.
هذه سرقة أراضٍ! إننا نتكلم عن أراضٍ أغلبها ملكٌ خاص؛ أراضٍ امتلكت عائلاتنا الجزء الأكبر منها إذ ورثته من الأجداد وعملت في الزراعة فيها لمئات السنين.

لقد فقد معظم أبناؤنا وبناتنا الثقة في السلطات الأرضية. إنهم يشعرون بالعجز وبفقدان الرجاء، كما عبّر أحد أبناء رعايانا هذا الشهر أمام مشهد جرافات الاحتلال وهي تجرف بأرضه من أجل توسيع الجدار: "ليس أصعب من أن ترى أرضك تُدّمر وأنت لا تقوى على شيء. لا أحد يوقفهم".
إن أبناء رعايانا لم يعودوا يؤمنون بأنه يوجد من سيقف موقفًا شجاعًا من أجل العدل والسلام وفي سبيل إيقاف هذا الظلم المجحف الحاصل أمام أعينا. إن حقوقنا منتهكة كفلسطينيين منذ سنين عديدة. نحن نؤمن بالرجاء، ولكن الذين يدعون أنهم يحامون عن مسيحيي الشرق الأوسط يحاولون أن يفقدونا هذا الرجاء. على أرض الواقع، قد يكون قرار الضم الضربة القاضية لوجودٌ مسيحيّ فلسطيني فعّال على هذه الأرض، وقد يقضي على آمالنا الوطنيّة بالحرية ونوال الاستقلال، والعيش بكرامة ومساواة على أرضنا وبحسب المواثيق الدوليّة.

لن يستطيع أحدٌ بعد الآن أن يدعي بأنه لم يتدارك آثار الضمّ على الفلسطينيين بشكل عام وبيت لحم بشكل خاص. إننا نشعر بثقل التاريخ على أكتافنا من أجل الحفاظ على الوجود المسيحيّ على الأرض التي شهدت بداية إيماننا. إننا نضع ثقتنا ورجاؤنا بالله، وندعو في ذات الوقت قادة العالم للتدخل من أجل إيقاف هذا الظلم الكبير. ما زلنا ملتزمين بالسعي نحو السلام العادل، وإذ نشكر كل ما ساندنا، خاصة من كنائس حول العالم، نرجو أن يقف العالم موقفًا حاسمًا مصحوبًا بخطوات عمليّة من أجل إيقاف هذا الظلم وتوفير فرص الأمل من أجل مستقبل يسوده العدل والسلام على هذه الأرض.


الأب يعقوب أبو سعدى – كنيسة الام البتول للروم الكاثوليك، بيت لحم
الأب عيسى مصلح – كنيسة الآباء الأجداد للروم الأرثوذكس، بيت ساحور
الأب حنا سالم – كنيسة سيدة البشارة للاتين، بيت جالا
الأب بولس العلام – كنيسة العذراء مريم للروم الأرثوذكس، بيت جالا
القسيس أشرف طنوس – كنيسة الإصلاح الانجيلية اللوثرية، بيت جالا
الأب سهيل فاخوري – كنيسة سيدة الرعاة للروم الكاثوليك، بيت ساحور
القسيس منذر اسحق – كنيسة الميلاد الانجيلية اللوثرية، بيت لحم والكنيسة الانجيلية اللوثرية بيت ساحور